شرح رسالة (الإِعْراب عن عوامِل الإِعْراب) للعِصَامي (ت1037هـ) دراسةً وتحقيقًا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بکلية اللغة العربية وآدابها بجامعة أم القرى ومدرِّس اللُّغويات بکلية اللغة العربية بالمنصورة -جامعة الأزهر

المستخلص

الحمدُ لله حتى يبلغ الحمدُ مُنتهاه، والصَّلاة والسَّلام على خير خلقِه ومن وَالاه، وبعد: 
فقد يسَّر اللهُ لي الاطِّلاعَ على مجموعٍ نحويٍ مخطوطٍ بموقع مکتبة جامعة الملک سعود، يضمُّ کثيرًا من الرَّسائلِ والمُصنَّفات لغير واحدٍ من أعلام النَّحويِّين، وقد جذبَ انتباهي-من بين تلک الرَّسائل- شرحٌ لرسالة الإِعْراب عن عوامل الإِعْراب للعِصَاميّ (ت1037هـ)؛ إذْ تکمُنُ قيمته فى أنه شرحٌ لمتن مفقودٍ، خاصٍّ بالعوامل النَّحوية، ومتونُ العوامل النَّحويَّةِ المطبوعةِ نادرة؛ فلم يُطبع منها إلا ثلاثة: العوامل المائة للجُرْجاني (ت471هـ)، ومتنُ العوامل للشَّريف الجُرْجاني (ت816هـ)، والعوامل الجديدة للبِرْکِوي (ت981هـ)، وهذا يعدُّ رابعُها، ثم وُفِّقتُ في العثورِ على نسخةٍ أخرى ضمن مجموعٍ بمکتبة مکة المکرمة به خمسة کتب، کلها للعِصَامي، فاسْتخرتُ اللهَ في تحقيقه، واخترتُ أنْ يکون عنوانُه: شرحُ رسالةِ (الإِعْرابِ عن عواملِ الإِعْرابِ) للعصاميِّ (ت1037هـ) دراسةً وتحقيقًا، وذلک للأمور التالية:
1-     اشتمالُ هذا الشَّرح على نصِّ متنٍ مفقود من مؤلَّفات العصامي، فإحياؤُه يعدُّ إحياءً لکتابين من کتبه.
2-     أنَّ العصاميَّ يُعدُّ رابع صاحب متنٍ من المتون التى عُنِى أصحابُها بجمع العوامل النّحويَّة في مؤلَّف مستقلٍّ خاصٍّ بها، وفَاقَ غيره في کونه شرحَ هذا المتن شرحًا فصَّل فيه مُجمله، وأوْضح فيه مُبهمه، وأوْدعهُ تنبيهاتٍ مفيدة، وتعليقاتٍ مهمَّة.
3-     أنَّ غيرَ واحدٍ من أصحاب کتب التَّراجِم نصُّوا على أنه صنَّف ما يربُو على ستين مؤلفًا في مختلف علوم العربيَّةِ والشَّريعة، ومع ذلک لم يظهرْ منها إلا النَّزرُ اليسير، فآثرتُ أنْ أکونَ أحدَ الذين يُبرزُون جهوده، ويُحْيُون ما انْدثر من مصنَّفاته ومؤلَّفاته.
4-     أنَّ العصاميَّ يُعدُّ واحدًا من أنبهِ علماءِ مکة المکرمة، وإبرازُ جهودِه يُعدُّ حلقةً في سلسلةِ إبراز جهود المکِّيين في إثراءِ علم النحو خصوصًا، وبقيَّة العلومِ عمومًا.
5-     إثباتُ أنَّ مخطوط: "شرح الإِعْراب عن عوامل الإعْراب" الموجودَ بمکتبة الحرم المکِّي الشريف،-والمنسوبَ في فهارسِها لإبراهيم بن أحمد بن محمد الخزْرجيِّ الجزرىِّ الأنْصاري (ت709هـ)- ما هو إلا شرحٌ لعوامل العصامي، وذکْرُ الأدلَّة على أنَّ نسبته إلى إبراهيم الأنصاري مجانبةٌ للصَّواب.     
وقد اقتضتْ طبيعةُ البحث أنْ يکونَ في قسمين، تسبقُهما مقدِّمة، وتقفُوهُما خاتمةٌ وفهارسُ کاشفة.
أما الدِّراسة فاشتملتْ على أسبابِ اختيار الموضوع، وخُطَّتِه، وأسبابِ إعادة تحقيق الشَّرح.
وأما القسم الأول فهو قسم الدِّراسة، وقد اشتمل على مبحثين:
أولهما: ترجمة عبد الملک العصامي، وتضمَّن: ( اسمه ونسبه- مولده ونشأته– شيوخه– تلاميذه - مکانته العلميَّة وشهادات العلماء فيه- مؤلَّفاته- وفاته ).
الآخر: دراسة المخطوط: وتشمل: ( منهجَ العصامي في الشَّرح- اتِّجاهَه النَّحوي- ما يُؤخذُ عليه- مقارنة بينه وبين مصنِّفي مُتون العوامل الثلاثة في إحصاء العوامل).
أما القسم الثاني وهو قسم التَّحقيق: فبدأته بمقدِّمةٍ للتَّحقيق، اشتملتْ على:
( نسبةِ المخطوط للعصامي- وصفِ نسخ المخطوط- منهجي في التَّحقيق- نماذج مُصوَّرة لنُسخ المخطوط).
ثم صدَّرتُ التَّحقيق بکتابة النصِّ الکامل لمتنِ "الِإعرْاب عن عوامل الإعراب" للعِصَامي، وقد جمعتُه من بين ثنايا شرْحه، ثم أعقبتُه بتحقيق نصِّ الشَّرح، وذيَّلتُ التحقيق بفهارسَ علميَّة متنوِّعة، تمثَّلت في: ( فهرس
 الآياتِ القرآنيَّة- فهرس أبياتِ الشِّعر والرَّجز- فهرس اللُّغات- فهرس المصادر والمراجع- ثَبَت الموضوعات).
وأودُّ أنْ أشيَر إلى أنه في نهايةِ تحقيقي لهذا الشَّرح- وخلال بحثي على الشَّبکة العنکبوتيَّة- فوجئتُ بأنه
قد سبقنى إلى تحقيقِه بعض الباحثين([1])، وحاولتُ الحصولَ على تحقيقه، ولکن لم يُتحْ لى الاطِّلاعُ إلا على الدِّراسة، ومع يقيني ببذلِ الباحثِ الفاضل جهدًا کبيرًا في الدِّراسة تمثَّل في وفْرة مراجعِه، وسعةِ اطِّلاعه، ومعرفتهِ بکثيرٍ من المخطوطاِت وأماکنِ وجودها، إلا أننى جدَّدتُ العزمَ على إتمامِ تحقيقِه؛ وذلک للأمور التالية:
1)        أنَّ الباحث الفاضل اعتمدَ في التحقيق على نسختين، وقد وُفِّقتُ-بفضل الله- في العُثور على نسخةٍ ثالثة، نُسبتْ خطأ إلى إبراهيم الأنصاري باسم "الإغْراب في ضبْطِ عواملِ الإعراب"-کما سبق بيانه-، والذي نبَّهني لذلک أنِّي وجدتُ مقدِّمتها وخاتمتها موافقةً لمقدِّمة وخاتمةِ شرح "الإِعْرابِ عن عواملِ الإِعْراب" للعصامي، فسَاورني الشَّک، فطلبتُ نسخةً کاملةً منها من مکتبة الحرم المکِّي الشريف، وبمقابلتها کاملةً بشرح العصامي تبيَّن أنها نسخةٌ منه؛ فنصُّها عينُ نصِّه، ثم سُقتُ الأدلَّةَ على أنها نسخةٌ من شرح العصامي أثناء حديثى عن نُسخ المخطوط، ولا شکَّ أنَّ وجودَها کان له دورٌ لا ينکرُ في إقامة النصِّ، وإکمالِ ناقصِه، وتصحيحِ سقيمِه.
2)        أنَّ المقارنةَ التي عقدها الباحثُ الفاضل بين أصحاب مُتون العواملِ النَّحويَّة الثلاثة والعصامي في إحصاءِ العوامل-اعترَاها قصورٌ کبير، فقد کانت تحتاجُ إلى تفصيلٍ يبرزُ أوجُهَ الاتِّفاق والاختلافِ بينهم في أنواع وأعداد العوامل.
3)        أنَّ حديثه عن الاتِّجاه النَّحوي للعصامي شابَهُ القصورُ أيضًا؛ فقد ذکر أنَّ العصاميَّ وافق البصريين في أربع مسائل، مع أنه وافقهم في خمسَ عشرة مسألة، ولم يذکر موقفهُ من الکوفيين-وقد وافقهم في ثلاثِ مسائل- ولا من جمهور النحويين- وقد وافقهم في إحدى عشرةَ مسألة-، ولا موقفه من بعض العلماء على وجه الخُصوص.
4)        أنه لم يتحدَّث عن ملامحِ منهج التَّأليف عند العصامي، وطريقتِه في شرح رسالته.
5)        أنه لم يذکر أيَّ مأخذٍ من المآخذ التى يُمکن مُلاحظتُها عليه في شرحِه لرسالته.  
وأخيرًا، أسألُ الله التوفيق والسَّداد، وحسبي أنِّي اجتهدتُ، والصوابَ قصدتُ، والحمدُ لله أولاً وآخرًا.       
 

الكلمات الرئيسية